>جلست في غرفتها بعد صلاة العشاء تمارس هوايتها المفضلة وتقضي أمتع
>ساعاتها .. تغيب عن الدنيا وما فيها وهي تسمعه يترنم بأعذب الألحان ،
>إنه المغني المفضل لديها ، تضع السماعة على أذنيها ، وتنسى نداءات أم
>احدودب ظهرها .. من ثقل السنين .. بنيتي استعيذي بالله من الشيطان ..
>واختمي يومك بركعتين لله بدل هذا الغثاء .. بضجر أجابت : حسنًا ..
>حسنًا .
>اتجهت الأم إلى مصلاها وبدأت مشوارها اليومي في قيام الليل ، نظرت إلى
>أمها بغير اكتراث .. انتهت الأغنية .. تململت في سريرها بضجر .. جلست
>لتستعد للنوم فآخر ما تحب أن تنام عليه صوته .. حلت رباط شعرها ..
>أبعدت السماعات عن أذنيها .. التفتت إلى النافذة .. إنها مفتوحة .
>قبل أن تتحرك لإغلاقها رأتها كالسهم تتجه نحوها .. وبدقة عجيبة اتجهت
>نحو الهدف .. وأصابت بدقة طبلة الأذن .. صرخت من هول الألم .. أخذت
>تدور كالمجنونة .. الطنين في رأسها .. الخشخشة في أذنها .. جاءت الأم
>فزعة .. ابنتي ما بك .. وبسرعة البرق .. إلى الإسعاف .. فحص الطبيب
>الأذن .. استدعى الممرضات .. وفي غمرة الألم الذي تشعر به . استغرق
>الطبيب في الضحك ثم الممرضات .
>أخذت تلعن وتسب .. وتشتم .. كيف تضحكون وأنا أتألم . أخبرها الطبيب أن
>صرصورًا طائر دخل في أذنها !! لا تخافي سيتم إخراجه بسهولة .. لكن لا
>أستطيع إخراجه لابد من مراجعة الطبيب المختص .
>عودي في السابعة صباحًا ! كيف تعود والحشرة تخشخش في أذنها تحاول
>الخروج ؟ والألم يزداد لحظة بعد أخرى أخبرها الطبيب أنه سيساعدها بشيء
>واحد وهو تخدير الحشرة إلى الصباح حتى لا تتحرك .. حقن المادة المخدرة
>في أذنها وانتهى دوره هنا عادت إلى البيت كالمجنونة رأسها سينفجر من
>شدة الألم ، ومر الليل كأنه قرن لطوله وما أن انتهت صلاة الفجر حتى
>سارعت مع أمها إلى المستشفى .. فحصها الطبيب لكن .. خاب ظن الطبيب
>المناوب .. لن يكون إخراج الحشرة سهلا .. وضع منيلا أبيض .. أحضر
>الملقاط .. أدخله في الأذن .. ثم أخرج .. ذيل الحشرة فقط .. عاود
>الكرّة .. البطن ثم الصدر ثم الرأس .. هل انتهى؟
>ما زالت تشعر بالألم ! أعاد الطبيب الفحص لقد أنشبت الحشرة نابيها في
>طبلة الأذن ! يستحيل إخراجها إنها متشبثة بشدّة ! وضع عليها الطبيب
>قطنه مغموسة بمادة معقمة وأدخلها في الأذن وطلب الحضور بعد خمسة أيام
>فلعل الأنياب تتحلل بعد انقطاع الحياة عنها ! في تلك الأيام الخمسة
>بدأت تضعف حاسة السمع تدريجيًا حتى أصبحت ترى الشفاه تتحرك ولا تدري
>ماذا يقال ولا ماذا يدور كادت تصاب بالجنون ! عادت في الموعد المحدد
>حاول الطبيب ولكن للأسف لم يستطع فعل شيء .. أعاد الكرّة قطنه بمادة
>معقمة .. عودي بعد خمسة أيام .. بكت .. شعرت بالندم .. والقهر وهي ترى
>الجميع يتحدث ويضحك .. وهي لا تستطيع حتى أن تسمع ما حولها أو تبادلهم
>الحديث .. عادت بعد خمسة أيام إلى الطبيب .. أيضًا لا فائدة سنقرر لك
>عملية جراحية لإخراج النابين ، كادت تموت رعبًا وهمًا طلبت من الطبيب
>فرصة خمسة أيام أخرى أعادوا الكرّة وبعد خمسة أيام .. مَنّ الله عليها
>بالفرج واستطاع الطبيب أن يسحب النابين دون تدخل جراحي وابتدأ السمع
>يعود إليها بالتدريج .. عندها فقط .. علمت أن كل ما أصابها كان بمثابة
>الصفعة التي أيقظتها من الغفلة وكانت من .. العائدين إلى الله